في واحدة من أكثر الضربات حساسية ودلالة ضمن عملية الوعد الصادق 3، استهدفت صواريخ إيران البالستية في 14 حزيران/ يونيو 2025 برج "دا فينشي"، أحد أبرز الأبراج الفاخرة في قلب تل أبيب مؤلف من 50 طابقا، والذي يقع في محيط وزارة الحرب الإسرائيلية في مجمع "الكرياه" على مسافة لا تتجاوز 360 مترًا. وقد أثارت هذه الضربة ضجة كبرى في الأوساط الأمنية والإعلامية الإسرائيلية، لما تحمله من أبعاد عسكرية ونفسية واستراتيجية.
موقع الضربة وأثرها المباشر
بحسب صحيفة هآرتس، فقد سقط صاروخ إيراني بالستي في محيط برج "دا فينشي"، قرب بوابة كابلان المؤدية إلى وزارة الحرب. وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن الصاروخ أدى إلى انحناء في أحد أعمدة الدعم الهيكلية للبرج، ما استدعى إخلاءًا فوريًا للمبنى الذي يضم عشرات الشقق الفاخرة.
في حين ذكرت صحيفة Ynet العبرية أن الضربة كانت مباشرة، وتسببت بأضرار هيكلية كبيرة دفعت السلطات إلى إجلاء مئات السكان، بينهم دبلوماسيون وشخصيات أجنبية. وبحسب صحيفة TheMarker الاقتصادية، فإن أكثر من 412 شقة أصبحت غير صالحة للسكن، فيما بدأت الجهات البلدية في دراسة قرار بهدم جزئي للبرج وإعادة ترميمه على المدى الطويل.
بدورها، قالت صحيفة نيويورك تايم إن الهدف مركز قيادي حساس.
لماذا استُهدف هذا البرج بالذات؟
بحسب تقديرات وتحليلات الصحافة الإسرائيلية، فإن اختيار هذا البرج لم يكن عبثيًا، بل يحمل أبعادًا رمزية واستراتيجية:
1) القرب من وزارة الحرب: يقع برج دا فينشي على مسافة قريبة جدًا من مجمع "الكرياه"، الذي يُعتبر مركز صناعة القرار العسكري والأمني الإسرائيلي.
2) رسالة ردعية ونفسية: ضرب برج فاخر في قلب العاصمة يحمل رسالة واضحة مفادها أن "لا مكان آمن في إسرائيل"، وهي رسالة تهدف إلى التأثير النفسي على المستوطنين وصناع القرار على حد سواء.
3) اختلاط الأهداف العسكرية والمدنية: أشارت تقارير إلى أن إيران أرادت إظهار هشاشة التداخل بين الأهداف العسكرية والمباني المدنية في إسرائيل. وقد شاهد العالم انطلاق الصواريخ الاعتراضية الإسرائيلية من بين الأبنية السكنية الأمر الذي أثار غضب بعض المستوطنين.
4) ثمة معلومات متداولة بأن الهدف داخل برج "دا فينشي" هو مركز استخبارات سرّي لجيش الاحتلال.
التبعات المتوقعة
تشير التقديرات إلى أن الأضرار الناجمة عن الضربة أدّت إلى:
-إخلاء طويل الأمد للسكان وإعادة إسكانهم مؤقتًا.
-تكاليف ضخمة لإعادة الترميم، قد تتحملها الحكومة وشركات التأمين والعقارات.
-إعادة النظر في تحصين المباني الحيوية القريبة من منشآت أمنية.
-تصعيد سياسي وأمني في الصراع الايراني- الاسرائيلي، خاصة إذا استُهدفت مواقع مشابهة مستقبلًا.
خلاصة
الضربة التي تلقاها برج "دا فينشي" ليست مجرد حادث أمني عابر، بل تحوّلت إلى نقطة تحول رمزية في المواجهة الإيرانية الإسرائيلية. فهي تكشف عن هشاشة الداخل الإسرائيلي، وتعكس استراتيجية إيرانية جديدة تعتمد على ضرب الرموز والعمق المدني والعسكري معًا، ضمن معادلة ردع جديدة تتجاوز حدود الجغرافيا التقليدية للصراع. وفي ظل هذا التصعيد، تبدو تل أبيب أمام معضلة حقيقية: كيف تحمي عمقها السكاني والاستراتيجي في ظل تكنولوجيا صاروخية متطورة؟ وكيف ترد على رسائل طهران دون الانزلاق إلى حرب شاملة؟
هذا وأطلقت الجمهورية الإسلامية خلال العدوان الإسرائيلي الأميركي الذي استمر 12 يوماً (13 - 25 حزيران 2025)، مئات الصواريخ البالستية وفرط الصوتية والطائرات المسيّرة نحو العمق الإسرائيلي، مستهدفة -ضمن خطة دفاعية ذكية- نحو 29 مركزاً عسكرياً وحيوياً واستراتيجيا، ما أجبر قادة تل أبيب على الرضوخ وطلب وقف إطلاق النار.
الكاتب: غرفة التحرير