الخميس 24 تموز , 2025 04:20

قانون الحشد الشعبي والرفض الأمريكي: من أعطى واشنطن حق إبداء الرأي؟!

السوداني وروبيو

لا تترك الولايات المتحدة الأمريكية أي فرصة، إلا وتُجاهر باعتدائها على سيادة الدول، من خلال التدخل في شؤونهم الداخلية، فارضةً نفسها كسلطة وصاية. وفي هذا السياق يأتي مضمون الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مع رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني.

فقد كشف بيان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، بأن المكالمة تضمنت تطرق روبيو الى الهجمات الأخيرة على البنية التحتية للطاقة، بما فيها تلك التي تديرها شركات أمريكية، حيث شدد الوزير الأمريكي على "أهمية محاسبة الحكومة العراقية لمرتكبيها ومنع وقوع هجمات مستقبلية". إلا أن الجزء الأخطر الذي يعدّ تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية العراقية هو ما ذكره بيان بروس بتجديد روبيو لـ "قلق الولايات المتحدة البالغ إزاء مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي المعروض حاليًا على مجلس النواب"، مع تأكيده بأن أي تشريع من هذا القبيل من شأنه أن "يُرسخ النفوذ الإيراني والمجموعات الإرهابية المسلحة، وهو الأمر الذي يقوض سيادة العراق".

فهل مؤسسة الحشد الشعبي ذات الكيان العسكري الرسمي، التابعة لرئيس مجلس الوزراء في العراق، والذي يحمل صفة القائد العام للقوات المسلحة، باتت شأناً يحق لأمريكا ومن يمثلها من وزراء إبداء الرأي أو القلق منه؟! وهل يرضى روبيو – وإدارته – أن يقوم الرئيس محمد شياع السوداني بإعلان قلقه من نشر الحرس الوطني في ولاية لوس أنجلوس الشهر الماضي؟!

ومن جانبه أكد الرئيس محمد شياع السوداني لروبيو، أن الحشد الشعبي هو مؤسسة عسكرية عراقية رسمية تعمل في ظل صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة، مشيراً إلى أن طرح هذا القانون أمام مجلس النواب يأتي ضمن "مسار الإصلاح الأمني الذي انتهجته الحكومة، وهو جزء من البرنامج الحكومي المعتمد من مجلس النواب، وقد شمل هذا المسار إقرار قوانين مماثلة لأجهزة أخرى ضمن قواتنا المسلحة، مثل جهازي المخابرات والأمن الوطني".

ما هو قانون الحشد الذي يثير قلق أمريكا؟

_ هو مشروع قانون جديد مطروح أمام مجلس النواب العراقي، يتألف من 18 مادة رئيسة، ويوصف بأنه منظماً للهيكل العام لعمل "الحشد الشعبي".

_ خضع القانون لقراءتين في منتصف شهر كانون الثاني / يناير الماضي وفي 16 تموز / يوليو الحالي، ما يعني بأنه بات جاهزاً للتصويت النهائي. فالنظام الداخلي للبرلمان ينص على إجراء قراءتين للقانون يخضع فيهما للنقاش، وثالثة نهائية قبل التصويت عليه.

_يتلخص مشروع القانون بأنه يمنح مؤسسة الحشد الشعبي الاستقلال الكامل كمؤسسة أمنية الى جانب وزارتي الدفاع والداخلية، وله رئاسة أركان وقيادة عمليات خاصة ترتبط مباشرة برئيس الوزراء (وهو الأمر الحاصل واقعاً).

_يحدّد مشروع القانون مهمة الحشد بـ"حماية النظام"، و"الدفاع عن البلاد وحماية وحدة وسلامة أراضيها ومكافحة الإرهاب"، ويمنح أفراده امتيازات مالية توازي تلك التي يتمتع بها أفراد الجيش العراقي، كما يتم تخصيص موازنة سنوية لتطويره وتسليحه أسوة بوزارة الدفاع.

_إعطاء أفراده صفة "مجاهد" وليس "مقاتل"، وهذا ما يتناسب مع عقيدة هذه المؤسسة التي أثبتت أهميتها خلال معارك تحرير العراق من تنظيم داعش الوهابي الإرهابي.

_بحسب مشروع القانون، يكون رئيس الهيئة بدرجة وزير، ويكون عضواً في اللجنة الوزارية للأمن القومي، وبإمكانه تخويل بعض صلاحياته إلى رئيس الأركان أو الأمين العام للهيئة، وعليه أن يمارس صلاحيات وزير الدفاع لتطبيق القوانين العسكرية على منتسبي الهيئة.

_يضم الحشد وفقاً لمشروع القانون، 16 إدارة ومديرية عامة منها: رئاسة الأركان، والأمانة العامة، والدائرة الإدارية والمالية، وشركة المهندس العامة للمقاولات. كما ستتبع له أكاديمية عسكرية تسمى "أكاديمية الحشد الشعبي" على غرار أكاديميات وزارتي الدفاع والداخلية، وتمنح خريجيها شهادة بكالوريوس في العلوم العسكرية.

__ تقلق أمريكا  من هذا القانون لأنها تعتبره سيحول الحشد الى "حرس ثوري عراقي" (شبيه بحرس الثورة الإسلامية)، وبالتالي فإنه سيُمثل تحدياً لمصالحها الاستراتيجية.

استنكار نيابي للتعليقات الأمريكية

وقد دفعت التصريحات الأمريكية حول هذا القانون العديد من النواب الى الإعلان عن استنكارهم، ومنهم النائب مختار الموسوي التابع لتحالف الإطار التنسيقي، الذي اعتبر هذه التصريحات "تدخلاً سافراً بالشأن العراقي"، مضيفاً بأنهم "ماضون بإقرار القانون خلال الجلسات المقبلة لمجلس النواب. هناك إجماع سياسي على ذلك رغم كل الضغوط سواء كانت داخلية أو خارجية".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور