تَمَكُّن صُنّاع القرار في الكيان الإسرائيلي – ولو بصورة شكلية – من تظهير القدرة على تخفيف حدّة عدد من التحديات الطارئة وإعادة توجيهها، لا يعني أنها تملك القدرة ذاتها في التعامل مع أزمات يتبيّن أن جذورها تعود إلى فقدان السيطرة على مجريات الأحداث، وقصور في إدارة الأزمة، كالنقص الحاد في القوى البشرية والانهيارات النفسية والمفاهيمية داخل الجيش، وهو ما يشير إلى تحوّل نوعي في طبيعة الأزمة. ليس لأن المعضلة مجرد انعكاس تلقائي لتداعيات الحرب، بل لكونها دليلاً على نشوء خلل بنيوي مزمن. فيتحول الجيش من قوة تعاني الإرهاق في ميادين القتال الخارجية، إلى قوة تناضل من أجل الحفاظ على وجودها الداخلي وتماسكها المؤسسي.
تشير المعطيات إلى أن الجيش يدخل في مرحلة الخطر الاستراتيجي في حال لم يتم تطويق الأزمة والسيطرة عليها، إذ قد يجد نفسه في موقع مكشوف، عاجز عن حماية جبهته الداخلية، بعد تجاوز العتبة الحرجة لتراكم الأزمات، في ظل تراجع فعالية سياسات الاحتواء.
يهدف هذا الملف المرفق أدناه، إلى الإجابة عن السؤال المحوري الآتي: ما هي وضعية الجيش حاليًا، وكيف وصلت الأوضاع إلى درجة تدفع بعض الجنود إلى إيذاء أنفسهم جسدياً – إلى درجة كسر الأطراف – طلبًا للراحة؟
في حال، استمرت المؤشرات الواردة في الدراسة بالتصاعد حتى نهاية عام 2025، فسيرغم الجيش على تنفيذ الانسحاب التدريجي من بعض جبهات القتال أو خفض المشاركة الفعلية في العمليات البريّة، مع تركيز الجهد على الدفاع الداخلي وتأمين الجبهة الخلفية. وهو ما قد يُفسر لاحقًا كاعتراف بالفشل العملياتي.
كما قد تشهد المؤسسة العسكرية تصاعد حدة الانفجارات الصامتة، إلى تحركات فعلية انشقاقات فردية أو تمردات ضمنية، مثل رفض أوامر الاستدعاء، أو تسريبات متعمدة تفضح قيادة الأركان، أو حتى اضطرار القيادة السياسية لإعادة هيكلة الجيش جذريًا.
وعليه، إذا لم يتم احتواء معضلة الجيش، بخطة عمل طارئة:
- ستتوسع الصراعات الداخلية على حساب الجبهات الخارجية.
- سيفقد الجيش قدرته على الاستمرار العملياتي.
- سيوصم الجيش بتشوه في سمعته، يُصعّب معه عملية ترميم الثقة.
- ستخلق معضلة جديدة عن المفهوم القيمي للهوية القتالية والجدوى.
- ستضآل قدرة الجيش على المناورة الحقيقية في جبهات الصراع المقبلة.
على الهامش، تجدر الإشارة إلى أن التركيز الإعلامي على معضلة الجيش، واتساع مساحة النقد والتسريبات قد تندرج في إطار المحافظة على المعايير المرتفعة في المجال الأمني، أو محاولة لاستدامة الحالة التعبوية لدى قوات الاحتياط في الجيش والتي تشكل العمدة الرئيسية للقوات بانتقاد واقع جيشه، بهدف إبراز المخاطر المترتبة عن هذا الواقع، أو قد يقع في خانة تضليل العدو لناحية مستوى الجهوزية والقدرات والاستعداد للحفاظ على قدرة المباغتة.
لتحميل الدراسة من هنا