الخميس 17 تموز , 2025 04:13

ذا ناشيونال انترست: واشنطن تفشل في كسر الإرادة الإيرانية عسكرياً

النظام الإيراني لا يمكن كسره بالقصف والضربات العسكرية

في ظل التصعيد العسكري الأميركي الأخير ضد المواقع النووية الإيرانية، يظل التساؤل الأساسي حول مدى تأثير هذه الضربات على الاستراتيجية الإيرانية المستقبلية ومواقفها السياسية. فبرغم الضربة الأميركية لا تبدو إيران مستعدة للتراجع عن طموحاتها النووية أو تخفيف دعمها لحركات المقاومة في المنطقة. وبحسب مقال نشره موقع "ذا ناشيونال انترست" وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، فالنظام الإيراني، الذي يرى في نفسه وريثاً لحضارة عريقة ومصيراً إقليمياً، يواصل المضي قدماً في مشروعه النووي رغم الخسائر العسكرية التي تعرض لها. وفي الوقت ذاته، التصعيد بين إيران والولايات المتحدة سيذهب إلى مزيد من التعقيد. في هذا السياق، يطلب المقال بتقييم مدى قدرة واشنطن على فرض عقوبات دولية وفرض رقابة صارمة على البرنامج النووي الإيراني طالما أن الضربات العسكرية لم تجدي نفعاً، خصوصاً مع وجود ثغرات وتناقضات في التقديرات الاستخباراتية وقيود تقنية على القدرة التدميرية للأسلحة المتاحة.

النص المترجم:

على الرغم من الضربات الأميركية على المواقع النووية الإيرانية، من المرجّح أن يعيد النظام في طهران بناء قدراته، ويكثّف من "حروبه بالوكالة"، ويبقى متمسكاً بطموحاته النووية طويلة الأمد.

وبحسب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال دان كين، فقد شاركت في عملية "مطرقة منتصف الليل" أكثر من 125 طائرة، من بينها سبع قاذفات "بي 2" الشبحية، وعدد كبير من المقاتلات من الجيلين الرابع والخامس، إلى جانب عشرات طائرات التزويد بالوقود جواً. وقد استخدمت العملية نحو 75 ذخيرة موجهة بدقة، من ضمنها أربعة عشر قنبلة "جي بي يو 57" الخارقة للتحصينات، التي تُستخدم لأول مرة في القتال الفعلي.

ما هي التداعيات اللاحقة للضربة الأمريكية على مواقع إيران النووية؟

يبقى مدى تأثير الضربات الأميركية على منشآت إيران النووية في تشكيل استراتيجية طهران المستقبلية وسياستها موضوعاً أكبر وأكثر أهمية. بالنسبة لإيران، تُعتبر الولايات المتحدة الشيطان الأكبر و"إسرائيل" مجرد دمية بيدها وتطمح طهران إلى أن تصبح "القوة المهيمنة" في الشرق الأوسط، متجاوزة السعودية. ومن وجهة نظر المرشدين الإيرانيين، فإن امتلاك السلاح النووي سيكون بمثابة تأكيد على شرعية سعي إيران "للهيمنة الإقليمية"، كما يشكل رادعاً ضد الابتزاز أو الضربة النووية الأولى المحتملة من جانب "إسرائيل". ومع ربط هذه الأسلحة بصواريخ باليستية بعيدة المدى، يمكن لإيران أن تُلقي بظلالها الرادعة أو الضاغطة ليس فقط على الشرق الأوسط، بل حتى على أجزاء من أوروبا وأمريكا الشمالية.

ومع ذلك، فإن أي توقع لتغير في موقف النظام، سواءً فيما يتعلق بطموحاته السياسية أو عزمه على إعادة بناء قدراته العسكرية، من المرجح أن يكون خيبة أمل ل "إسرائيل". بل ينبغي توقع العكس تماماً. يبدو أن النظام الديني ووحدات الجيش الخاصة في إيران يسيطرون بقوة على أدوات السلطة الوطنية.

هل تواجه الحكومة الإيرانية الحالية مشاكل؟

من ناحية أخرى، فشلت تقديرات الاستخبارات الأمريكية عام 1978 في توقع الثورة الإسلامية حتى اندلعت باقتحام السفارة الأمريكية، وسقوط الشاه، وأسر الرهائن الأمريكيين. الهزيمة في الحرب، إذا كانت عميقة بما يكفي لهز ثقة الفاعلين السياسيين الأقوياء داخلياً، يمكن أن تؤثر على استقرار النظام، كما حدث في روسيا بعد الحرب الروسية اليابانية. لا شك أن فلاديمير بوتين يتذكر ذلك، وكذلك مصير الاتحاد السوفيتي؛ ولذلك فإنه مصمم على تجنب أي نتيجة في أوكرانيا تبدو كهزيمة لروسيا.

كانت حزب الله خصماً عسكرياً قوياً سواء على الصعيد التقليدي أو في الحروب غير النظامية حتى عام 2006. في المقابل، يعلن الحوثيون عن عزيمتهم لمواصلة حرب الاستنزاف ضد حركة الملاحة في البحر الأحمر.

من ناحية أخرى، يُظهر التاريخ أن قدرات القوات غير النظامية يمكن إعادة بنائها بسرعة نسبياً مقارنة بالقوة الصلبة المكلفة لدى خصومهم. بالإضافة إلى ذلك، لا يحتاج المحاربون غير النظاميين إلى مواجهة القوة العسكرية لخصومهم بشكل مباشر. يمكنهم أن يهاجموا "كالبعوض" من خلال المضايقات غير المباشرة باستخدام الحرب الإلكترونية، "الإرهاب ضد الأهداف المدنية"، تعطيل الاقتصاد، والاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة في المضايقات والتشتيت (مثل الطائرات المسيرة) فضلاً عن التدمير المباشر. كما لا يجب افتراض أن إيران غير قادرة على إعادة بناء برنامجها النووي في الوقت المناسب، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجميد تطويره، على غرار الاتفاقيات المحتملة بين الجمهورية الإسلامية وممثلي المجتمع الدولي (بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو ما يعادلها).

كيف ستتعامل إدارة ترامب مع إيران في المستقبل؟

تنتقد إدارة ترامب بشدة الاتفاق الشامل الموقع في عام 2015 والذي توسطت فيه إدارة أوباما للحد من النشاط النووي الإيراني.

ومع ذلك، كان هذا الاتفاق سيوفر فترة هدنة تقارب العقد من الزمن قبل أن تصل إيران إلى عتبة

تطوير السلاح النووي، كما تدعي الولايات المتحدة وبعض المراقبين الآخرين. وحتى الآن، لا يزال حجم الضرر الذي لحق بقدرات إيران في تخصيب اليورانيوم والبنية التحتية الداعمة لهذا البرنامج موضوع نقاش وجدل، ويبدو أن هناك اختلافاً في التقييمات حتى داخل أجهزة الاستخبارات الأمريكية وبين الخبراء الخارجيين.

لا يمكن حل هذه القضية بشكل كامل إلا من خلال عمليات تفتيش ميدانية شاملة. ومن الجوانب المثيرة للاهتمام في هذا الجدل أن الخبراء ناقشوا ما إذا كانت بعض الأهداف التي تُعرف بالأهداف المحصنة والعميقة المدفونة، والتي تمتلكها إيران وخصوم الولايات المتحدة وعددها يقدر بالآلاف، يمكن تدميرها بالأسلحة النووية المتوفرة في ترسانة الولايات المتحدة.


المصدر: The National Interest

الكاتب: Lawrence J. Korb and Stephen Cimbala




روزنامة المحور