الإثنين 16 حزيران , 2025 04:04

"ذا غارديان": هجوم نتنياهو على إيران قد يفاقم أزمته

نتنياهو ارتكب خطأ استراتيجي بالعدوان على إيران

في العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران ظهر التركيز على استهداف العقول العلمية والعسكرية المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، حيث يرى رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو "امتلاك إيران للسلاح النووي يشكّل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل"، وفي مقال نشرته صحيفة "ذا غارديان" وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني يرى الكاتب أن هذه الحرب هي نتيجة خوف نتنياهو على وجوده وأن العمل العسكري هو الخيار الوحيد للحفاظ عليه. يشير المقال أيضاً إلى وجهة نظر نتنياهو حيال المفاوضات غير المباشرة الأخيرة بين إيران وأمريكا، وأن هذا الهجوم قد يكون محاولة استباقية لإفشال أي تسوية تفاوضية، حتى لو كانت برعاية إدارة ترامب الحالية. كما يتوقف المقال عند النتائج المحتملة للعدوان، محذراً من أنه رغم "النجاح في اغتيال شخصيات رئيسية"، إلا أن المنشآت النووية الإيرانية، مثل نطنز وفوردو، لا تزال خارج متناول الضربات التقليدية، ما يجعل احتمالات منع إيران من مواصلة برنامجها النووي غير مضمونة. بل على العكس، قد تؤدي هذه العملية إلى تعزيز قناعة إيران وحلفائها بأن امتلاك سلاح نووي هو الضمانة الوحيدة للحماية. بهذا يعرض المقال العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران كخطوة محفوفة بتداعيات استراتيجية قد تكون عكسية.

النص المترجم:

"إسرائيل" قضت على العديد من العقول المدبّرة لبرنامج إيران النووي، لكن لا تتوقعوا من النظام الإيراني أن يتراجع.

لم يهدأ بنيامين نتنياهو منذ سنوات، فقد آمن على الدوام بأن إيران النووية تُشكّل التهديد الوجودي الحقيقي الوحيد له، وأن القوة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة المؤكدة لمنع ذلك. على مدى سنوات عديدة أمضاها في رئاسة الوزراء، تم التفكير مراراً وتكراراً في شنّ ضربة شاملة ضد المنشآت النووية الإيرانية، حيث دارت نقاشات وخطط في هذا الاتجاه حتى حدث الأمر. نتنياهو سيكون راضياً عن النتائج الأولية، والتي تتضمن "تصفية" قادة عسكريين وعلماء نوويين إيرانيين بارزين. لكن النتائج النهائية قد تكون مختلفة تماماً. فمن خلال هذا التحرك، ربما يكون قد سرّع الخطر ذاته الذي لطالما خاف منه.

أما بالنسبة للتوقيت المحدّد للهجوم، فقد وفرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الخميس، حيث ادعت الوكالة أن إيران "انتهكت التزاماتها في إطار معاهدة عدم الانتشار النووي"، وذلك للمرة الأولى منذ نحو عشرين عاماً، وهو ما اعتبرته "إسرائيل" مبرراً إضافياً، إن لم يكن ذريعة مباشرة، للتحرك العسكري.

وربما كان العامل الأبرز في حسابات نتنياهو هو الاجتماع المقرر يوم الأحد في عُمان، بين المبعوث الشخصي لدونالد ترامب، ستيف ويتكوف، ونظيره الإيراني وهو الاجتماع السادس بينهما. يخشى نتنياهو على ما يبدو من أن يفضي هذا اللقاء إلى اختراق دبلوماسي كبير، يمكن أن ينتج عنه اتفاق مشابه لذلك الذي وُقّع في عهد باراك أوباما قبل عقد من الزمن. مثل هذا الاتفاق قد يسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم وفق شروط تقبل بها واشنطن، لكنها تبقى غير مقبولة لدى "إسرائيل". في عام 2018، نجح نتنياهو في إقناع ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة أوباما. لكن العودة إلى اتفاق نووي جديد يحمل توقيع ترامب نفسه هذا كان لا بد من منعه بأي وسيلة ضرورية.

وهنا نصل إلى السؤال الأهم من توقيت هذا التحرك الإسرائيلي: هل هو قرار حكيم؟ بعضهم سيعتبر أن "إسرائيل" أخطأت التقدير، وأن بعض الدول العربية التي دعمتها بهدوء ضد إيران العام الماضي قد تتردد في فعل الشيء نفسه الآن. لكن هناك من يشير إلى أن الضربة، خصوصاً في استهدافها لعدد من الشخصيات الرئيسية لن تحقق هدفها الأساسي، وهو منع إيران من امتلاك قنبلة نووية. فوكالة الطاقة الذرية أكدت أن منشأة نطنز قد ضُربت، لكن المحللين يوضحون أن الأجزاء الحيوية من تلك المنشأة مدفونة عميقًا تحت الأرض، خارج مدى القوة النارية التقليدية ل "إسرائيل". وينطبق الشيء نفسه على موقع فوردو، الذي يقع داخل جبل. هذه المواقع تتطلب قنابل خارقة للتحصينات من الطراز الأميركي، وربما حتى هذه لن تكون كافية.

لكن هناك سبباً أقل ملموسية يجعل من عملية "الأسد الصاعد" تبدو في نهاية المطاف غير مجدية. فمن شبه المؤكد أن "المتشددين" في إيران لن يتراجعوا عن سعيهم لامتلاك سلاح نووي، بل سيزداد إصرارهم. لقد تلقوا ما يمكن تسميته "درس كوريا الشمالية": بعد غزو العراق، قررت ليبيا التخلي عن برنامجها النووي. وبعد سنوات قليلة، انتهى الأمر بمعمر القذافي مقتولاً في حفرة. في المقابل، اختارت كوريا الشمالية الطريق المعاكس، واحتفظت بسلاحها النووي ولم يجرؤ أحد على المساس بها. هذا المنطق قاتم، لكنه فعّال، ويبدو أنه يترسخ بقوة في طهران. والدليل على ذلك ما جاء في البيان الرسمي الإيراني اليوم: "الآن، بات العالم يدرك بشكل أفضل إصرار إيران على حقها في التخصيب، والتكنولوجيا النووية، والقدرات الصاروخية". عبارة كهذه تعبّر بوضوح عن مضاعفة الرهان لا التراجع.


المصدر: The Guardian

الكاتب: Jonathan Freedland




روزنامة المحور