السبت 28 حزيران , 2025 12:51

الحياة تحت الأرض: أزمة الملاجئ في "إسرائيل" خلال الحرب على إيران

الملاجئ في الكيان الإسرائيلي

هناك أجيال جديدة في الكيان الإسرائيلي المؤقت لم تعش تجربة الملجأ من قبل، ولم تكن تعرف ماذا يعني أن تكون مضطراً للهروب إلى الملجأ كل عدة ساعات. اقترن الملجأ في السنوات الأخيرة، بالشرائح الاجتماعية التي كانت تقطن مناطق الجليل والشمال وغلاف غزة، نظراً للقرب الجغرافي من وجود المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وما كان يحصل من رشقات صاروخية محدودة، تجبر المستوطنين على الاحتماء.

لكن منذ يوم الجمعة 13 حزيران 2025، ومع بدء الحرب الإسرائيلية على إيران، تحوّلت الملاجئ إلى المكان الأكثر طلباً عليه، الأكثر اكتظاظاً، الأكثر معاناة، والأكثر تسبّباً بالمشاكل والمشاحنات.

عن أي ملاجئ نتكلم؟

أنواع الملاجئ في إسرائيل

تنقسم الملاجئ المدنية في "إسرائيل" إلى ثلاث فئات رئيسة وفقاً للأنظمة الهندسية والتشريعات المعتمدة في قانون التخطيط والبناء، وهي على النحو التالي:

- غرفة محصنة داخل الشقة: وهي مساحة محمية تُدمج داخل كل وحدة سكنية جديدة، وقد بدأ العمل بها بعد حرب الخليج الأولى العام 1991. صُممت لتحمّل تأثيرات الضغط الناتج عن الانفجارات، إلا أنها لا توفر حماية من انهيار المبنى بشكل كامل أو من إصابات مباشرة نادرة. وتقتصر وظيفتها الأساسية على الحماية من الشظايا والموجات الانفجارية، والتي تُعدّ أكثر أشكال الأذى شيوعاً في حالات القصف.

- غرفة محصنة طابقية: وتُبنى كمساحة مشتركة تخدم عدة شقق ضمن نفس الطابق أو المبنى، وتُستخدم كمأوى جماعي في الحالات الطارئة.

- غرفة محصنة مؤسسية: وهي منشآت وقائية تُخصص للمؤسسات العامة مثل المدارس والمستشفيات، وتُبنى وفق معايير خاصة تتيح إيواء أعداد كبيرة من الأفراد.

- الملجأ الجاهز "الجرسّي": نموذج أطلقته شركة "وولفمان" العام 2007 لملجأ جاهز يُعرف بـ"جرس الحماية"، يتميّز بصغر حجمه وسهولة نقله. صُمم الشكل الجرسّي لتقليل أثر الشظايا والضغط الانفجاري، ما يُعزّز فعاليته في حماية المدنيين. وتقوم جمعيات أهلية بتمويل إنتاجه وتوزيعه، خاصة في مناطق الشمال والجنوب المتعرّضة لهجمات متكررة.

أزمة الملاجئ في إسرائيل

تواجه إسرائيل أزمة في عدد الملاجئ، إذ تشير التقديرات الرسمية وتقارير مراقب الدولة إلى أن نحو 2.6 مليون شخص في إسرائيل، أي ما يزيد على 27% من مجموع السكان، يفتقرون إلى غرف محصنة أو ملاجئ قريبة يمكن الوصول إليها في الوقت المحدد، أي خلال المهلة الزمنية القياسية البالغة 15 ثانية بعد انطلاق صافرات الإنذار.

تشير بيانات اتحاد المقاولين الإسرائيليين إلى أن أكثر من 60% من الشقق في 15 من كبرى المدن في إسرائيل تفتقر إلى غرفة محصنة. فعلى سبيل المثال، في مدينة القدس، من أصل 249 ألف شقة، هناك نحو 180 ألف شقة غير محصنة. وفي تل أبيب، من أصل 220 ألف شقة، 160 ألف شقة بلا حماية. أما في مدينتي بات يام وبني براك، فتصل النسبة إلى 85% من الشقق التي لا تحتوي على غرفة محصنة.

بحسب معطيات الجبهة الداخلية، فإن الملاجئ العامة لا توفر سوى 6% من الحماية المطلوبة، فيما تؤمّن الملاجئ المشتركة داخل المباني الحماية لنحو 28% فقط من السكان. أما الباقون، وهم أكثر من 27%، فلا تتوفر لهم أي وسيلة للاحتماء داخل بنية محصنة. ويُضاف إلى ذلك أن نحو 16% من الملاجئ العامة غير صالحة نهائياً للاستخدام، و25% مصنّفة بكفاءة تشغيلية منخفضة، ما يعني أن ثلثي الملاجئ غير جاهزة فعلياً لحالات الطوارئ.

كبار السن لا محلّ لهم من الاهتمام

تقول مستوطنة تشعر بالإحباط وتخشى الكشف عن هويتها وهوية والدتها المسنّة: "لا يؤخذ كبار السن بالاعتبار من قِبل وزارة الصحة. إذا كان هناك نقص في أسرّة إعادة التأهيل أو القوى العاملة، فهذا تقصيرٌ من قِبل الدولة. أمي تعيش بمفردها، وفي حالتها، اضطررنا لأخذها مع الأطفال حيث الضغط الكبير، وحيثُ يجب أن ننزل مع كل جهاز إنذار ثلاثة طوابق إلى الملجأ. أبقى معها في بيت الدرج لأنها طريحة الفراش معظم اليوم ونادراً ما تخرج. هذا تهديدٌ مزدوج. أنا لستُ مستشفى. ما الموارد المتاحة لي؟ عليّ الآن البحث عن مُقدّم رعاية، في وقتٍ لا نستطيع فيه حتى مغادرة المنزل".

وقال أحد الأطباء: "إن تحويل أضعف حلقة في المجتمع (كبار السن) إلى وسيلة لوجستية، أمرٌ غير مقبول أخلاقياً ومنهجياً. دولة إسرائيل مُطالبةٌ بإنشاء استجابةٍ مُخصصةٍ لحالات الطوارئ دون إبعاد مرضى إعادة التأهيل والمسنين من المستشفيات".

حوّلوا الملجأ إلى كنيس وفرضوا رسوماً على تشغيل المكيف

افتتح موقع والا مقاله عن "الوجه الحقيقي للملاجئ في زمن الحرب" بالقول "في طبريا، ملاجئ عامة غير لائقة، والمياه غمرت الأرض وتزاحم السكان على السلالم، وفي صفد حوّلوا الملجأ إلى كنيس وفرضوا رسوماً على تشغيل مكيف الهواء، وفي حيفا رفضوا دخول امرأة بينما كانت الصواريخ تُحلّق في السماء لمجرد أنها كانت تصطحب معها كلباً".

ويضيف المقال "تُعيد الحرب مع إيران الملاجئ إلى الواجهة، وتكشف عن واقع مُقلق وخطير. في كثير من الحالات، يُفترض أن تخدم هذه الملاجئ العامة الفئات السكانية الأضعف في الأحياء التي بُنيت فيها المباني السكنية والملاجئ قبل عقود. لكن السنوات التي مضت لم تكن رحيمة بالملاجئ، حيث تدهورت أنظمة الصرف الصحي والمياه والصرف الصحي والكهرباء".

نبدو كأولئك الأوكرانيين التعساء الذين ظهروا في الأخبار قبل ثلاث سنوات

في صحيفة هآرتس، كتب الإعلامي الإسرائيلي نيسان بول "في طريقنا إلى الملجأ تحت الأرض في موقف السيارات مع زوجتي وابني وكلبي، كانت الشوارع تعجّ بأشخاص مثلنا، من سكان تل أبيب، يسيرون بسرعة للاحتماء من الصواريخ الإيرانية. كانت تلك أول أمسية من الحرب. حملنا معنا حقيبة مليئة بالساندويشات والوجبات الخفيفة وزجاجة ماء، كما لو كنا في رحلة مدرسية سنوية. نظرتُ إلى الحشد البشري الذي نزل السلالم المتحركة تحت الأرض. كنا نبدو كأولئك الأوكرانيين التعساء الذين ظهروا في الأخبار قبل ثلاث سنوات، مختبئين في محطات مترو كييف. لقد صُدموا. لقد اعتدنا على ذلك. لكن هذه المرة كان الأمر مختلفاً تماماً. الحرب مع إيران هي تحقيق لكل الكوابيس، وفي إسرائيل لا يوجد كابوس إلا ويتحقّق".

أبرز المشاكل التي عانى منها نزلاء الملاجئ في الكيان المؤقت في الحرب:

- سرقة البيوت التي يغادرونها.

- افتعال المشاكل بين نزلاء الملجأ.

- عدم القدرة على تأمين احتياجات الأطفال وكبار السن.

- ازدحام الأدراج والممرات بما يعيق الدخول والخروج.

- أصوات البكاء والصراخ ونوبات الغضب عند البعض.

- عدم القدرة على تحضير أي نوع من الأكل أو التسخين.

- عدم القدرة على التحكم بالأطفال.

- فقدان الأسرّة لمن كان لا يستطيع الاستلقاء على الأرض.

- إقفال البواب أمام البعض في ملاجئ معينة.

- غياب أي تحضيرات خاصة بالمعوّقين واحتياجاتهم.

- عدم وجود الأنترنت وشبكات التواصل بشكل دائم.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور